الحداد" بين الرسمي  و الافتراضي

كعادتهم  و في كل مناسبة أليمة, أقدم نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" على تغيير صور حساباتهم الشخصية بأخرى سوداء موشومة بعبارة "حداد" بلغات مختلفة, و هذه المرة لاعلان الحداد على أرواح من قضوا في الفيضانات الأخيرة التي شهدتها مناطق الجنوب و الجنوب الشرقي للمملكة.

تعويض صورة الحساب "الفيسبوكي" بأخرى حزينة يحمل في طياته دلالة رمزية للتضامن مع المنكوبين و اعلان الحداد على قتلى الأمطار الغزيرة و السيول الجارفة, يقول أحد النشطاء على "فيس بوك" الذي يضع صورة سوداء بعبارة "حداد" على حسابه الشخصي منذ اللحظات الأولى للفاجعة. 'الصور المختارة تشكل أيضا رسالة استنكار واضحة من المعنيين بها إلى المسؤولين لعدم اعلانهم عن حداد رسمي بعد مقتل العشرات من المواطنين' يضيف ذات الناشط.

أما علي, ناشط في أكثر من موقع اجتماعي, فدافع عن قراره بشأن استبدال صورة "البروفايل". يرى علي أن أقل ما يمكن للفرد القيام به في مثل هكذا مناسبات اعلان الحداد على الحساب الشخصي و الترحم على الأموات ب"تغريدة" صادقة و ذلك "أضعف الايمان". "الفيس بوك", في وجهة نظره, ليس دائما فضاء لتمرير أحاسيس و مواقف مشكوك في حقيقتها و جديتها. و يسترسل علي موضحا أنه ليس كل من لم يحول حسابه إلى "حائط أسود" بغير حزين على ما وقع و غير آبه بما لحق بالمتضررين. تلك حرية شخصية في اختيار أشكال التعبير. الأهم أن الجميع داخل الفضاء الأزرق تأثر و ساند كل من موقعه و إن كان ذلك بطرق مختلفة.

لكن ناشطة أخرى لا ترى فائدة وراء تغيير صور "البروفايلات" إن كان ذلك بدعوى دعم الممنكوبين و اظهار  الحزن لفقدان العشرات جراء تهدم المنازل و جرف السيول. 'هؤلاء في حاجة لردود أفعال ملموسة على أرض الواقع'. و تردف الناشطة قائلة: " الفيس بوك عالم افتراضي, و اعلان الحداد من خلاله أمر فاقد للمعنى في غياب مبادرة واقعية يتلمس نفعها المتضررون و المكلومون".

و يذكر أن الكثير من مغاربة "الفيس بوك" يغيرون صور حسابتهم كشكل من أشكال الدعم و المساندة, كان آخرها مؤازة "التلميذة نادية" بوضع صورة تجسد الرقم 5 كما كتبته التلميذة الشهيرة. كما سبق للكثيرين أن وضعوا على حساباتهم الشخصية صورا لعلم فلسطين أو عبارة "كلنا غزة"  تضامنا  مع ضحايا الحرب الاسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة. و قد علق ناشطون آخرون على الخطوة بنبرة ساخرة  حين قالوا:" المغاربة يتضامنون مع غزة بتغيير صور بروفايلاتهم".

ع الحكيم المرابط